القواعد الفقهية25
الخميس فبراير 23, 2012 8:14 pm
القاعدة الخامسة والعشرون
من قبض العين لحظ نفسه لم يقبل قوله في الرد إلا ببينة ،
ولغيره يقبل مطلقًا
من قبض العين لحظ نفسه لم يقبل قوله في الرد إلا ببينة ،
ولغيره يقبل مطلقًا
اعلم – رحمك الله تعالى – أن الإنسان إذا قبض عينًا ما أي عين كسيارة أو
نقود أو لقطة أو نحوها فلا يخلو قصده من حالتين : الأولى : أن يكون
قصده عند قبضها استعمالها أي الانتفاع بها أي أن ينتفع بها هو ويسمى هذا القبض
قبضاً لحظ النفس أي لحظٍ يعود لنفسه . الثانية : أن يكون قصده عند
قبضها حفظها لمالكها الأصلي ، أي لاحظ للقابض فيها وإنما قبضها لحظ مالكها ، ويسمى
هذا القبض ، قبضاً لحظ الغير(1)
، أي لمصلحةٍ تعود إلى الغير الذي هو المالك أو من يقوم مقامه كوكيله ، إذا علم هذا
وفرقت بين الأمرين فاعلم : أن الأول : أي الذي قبض العين لحظ نفسه
إذا ادعى أنه رد العين المقبوضة إلى مالكها أن دعواه هذه لا تقبل عند إنكار المالك
الأصلي إلا إذا جاء ببينة تثبت صحتها ذلك ؛ لأن له حظًا في إبقائها عنده ؛ لأنه
يريد منفعتها فقبضه لها لمنفعةٍ تعود عليه هو شبهة جعلتنا لا نقبل قوله في الرد حتى
تثبت البينة صدق دعواه ، فإن جاء ببينة من شهادةٍ ونحوها على إثبات الرد قبلناها
وإن لم يأت ببينة حكمنا أن العين لا زالت باقية عنده هذا بالنسبة للشطر الأول من
القاعدة وهو قولنا : ( من قبض العين لحظ نفسه لم يقبل قوله في الرد إلا ببينة
) . وأما الثاني : أي من قبضها لحظ غيره فإنه إذا ادعى رد العين
وأنكر المالك الأصلي فإن القول قول القابض ولا يطالب ببينةٍ تثبت صحة دعواه ؛ لأن
الشبهة فيه منتفية فإنه لاحظ له في قبض العين أصلاً وإنما هو محسن بهذا القبض ؛
لأنه يحفظها لمالكها وما على المحسنين من سبيل ، وهذا هو معنى قولنا : ( ولغيره
) أي إذا قبضها لحظ غيره ( يقبل ) قوله في الرد : ( مطلـقًا ) أي
وإن لم يأت ببينة ، إذا علمت هذا فإليك بعض فروع هذه القاعدة حتى تتضح أكثر :
فمنها : المرتهن هو الذي يقبض الرهن والراهن هو المالك الأصلي والرهن هو توثقة
دين بعين يمكن استيفاؤه منها أو من بعضها أو من ثمنها فالرهن في يد المرتهن أمانة ،
فنقول : قبض المرتهــن للرهن هل هو لحظٍ يعود له هو أو هو لحظ الراهن ؟ لاشك
أن الجواب هو الأول ؛ لأن المرتهن لم يقبض الرهن إلا هو يريد تأمين دينه بحيث لو لم
يسدد الراهن ما عليه باعه واستوفى منه قدر الدين ، فإذا سدد الراهن الدين واختلف هو
والمرتهن فقال المرتهن : رددت الرهن إليك وقال الراهن : لم ترده ، فنقول :
لا نقبل قول المرتهن في الرد إلا ببينة ؛ لأنه قبض الرهن لحظ نفسه ومن قبض العين
لحظ نفسه لم يقبل قوله في الرد إلا ببرهان .
ومنها : العارية : إذا استعار شخص من شخص شيئًا فإن المستعير يقبض هذه العين لحظ نفسه ؛
لأنه يريد أن ينتفع بهذه العارية فإذا اختلف المعير والمستعير في الرد فلا نقبل قول
المستعير في دعوى الرد إلا ببينة ؛ لأنه قبض العين المعارة لحظ نفسه ومن قبض العين
لحظ نفسه لم يقبل قوله في الرد إلا ببينة .
ومنها : الوديعة : فإذا أودع شخص شخصًا مالاً فإن المودَع – بفتح الدال – قبض الوديعة من
المودِع – بكسر الدال – لحظ المودِع – بكسر الدال – حتى يحفظها له ويصونها عن التلف
و الضياع فإذا اختلفا في الرد فالقول قول المودَع – بفتح الدال – ؛ لأنه قبض العين
لحظ غيره ومن قبض العين لحظ غيره فالقول قوله بلا بينة .
ومنها : المضاربة : نوع من أنواع الشركة فيشترك اثنان أحدهما بماله والآخر ببدنه ،
فالمضارَب – بفتح الراء – يقبض المال من المضارِب – بكسرها – بقصد نفع نفسه لأن له
جزءاً من الربح معلومًا مشاعًا ، فإذا اختلفــا فــي رد المــال فالقــول قـول
المضارِب – بكسرها – لأن المضارَب - بالفتح - قبض المال لحظ نفسه ومن قبض المال لحظ
نفسه لم يقبل قوله في الرد إلا ببينة .
ومنها : إذا اقترض رجل من آخر مالاً وادعى المقترض رده وأنكر المقرض فالقول
قوله ؛ لأن المقترض قبض هذا المال لحظ نفسه فلا يقبل قوله في الرد إلا ببينة .
ومنها : اللقطة : هي المال الذي لا يعرف مالكه فالملتقط الذي أخذ هذه اللقطة أخذها
ليحفظها لمالكها الأصلي فإذا اختلف المالك الأصلي والملتقط في الرد فقال الملتقط :
رددتها عليك ، وقال المالك : لا ، فالقول قول اللاقط ؛ لأنه قبض العين لحظ غيره ومن
قبض العين لحظ غيره فالقول قوله بلا بينة ، والله أعلى وأعلم .
(تنبيه) : قولنا : ( يقبل قوله بلا بينة ) نعني بالبينة الشهادة لا اليمين
وإلا فاليمين لاشك أنها تطلب من قابض العين لحظ الغير ؛ لأنه في هذه الحالة مدعىً
عليه والمدعى عليه عليه اليمين وذلك لقوة جانبه ، وأما قابضها لحظ نفسه فإنه مدعي
والمدعي عليه البينة لضعف جانبه ، والله أعلى وأعلم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى