القواعد الفقهية23
الخميس فبراير 23, 2012 8:12 pm
القاعدة الثالثة والعشرون
من كـرر محظـورًا من جنسٍ واحد وموجبه واحد
أجزأ عن الجميع فعل واحد إن لم يخرج موجب الأول
من كـرر محظـورًا من جنسٍ واحد وموجبه واحد
أجزأ عن الجميع فعل واحد إن لم يخرج موجب الأول
اعلم أن المحرمات عندنا قسمان : إما محرم شرع فيه كفارة أو حد ، وإما
محرم لا كفارة فيه ولا حد . والأصل عدم الكفارة إلا بدليل ، وهذه القاعدة في
المحرمات التي توجب كفارة أو حدًا ، وذلك كالجماع في شهر الصيام نهارًا ، ومحظورات
الإحرام ، والسرقة ، والزنى ، وقطع الطريق ، والحنث في اليمين والنذر والظهار ،
ونحو ذلك من الأفعال المحرمة . فهذه الأشياء يترتب على فعلها حد أو كفارة ، فإذا
فعلها الإنسان فإنه يجب عليه أثرها من حدٍ أو كفارة . لكن ما الحكم لو كررها مرةً
أخرى فهل يلزمه كفارة أخرى أو حد آخر أو لا ؟ هذا هو مناط قاعدتنا فأقول
:
إذا فعل الإنسان محظورًا مما مضى ثم فعل محظورًا آخر فلا يخلو من حالتين
: إما أن يكون المحظور الثاني من جنس المحظور الأول أي سرقة وسرقة ، أو زنى وزنى ،
أو يمين على شيء معين ثم كرره مرة ثانية ، أو قطع الطريق مرارًا . وإما أن يكون
المحظور الثاني من غير جنس المحظور الأول ، كسرقة وزنى ، أو قطع طريق وقتل وهكذا .
فإن كان المحظور الثاني من غير جنس المحظور الأول فإن فعل المحظور الثاني يوجب
شيئًا جديدًا وهو أثره من حدٍ أو كفارة فيكون عليه حدان أو كفارتان ، حد أو كفارة
للمحظور الأول ، وحد أو كفارة ثانية للمحظور الثاني ، فإذا زنى البكر وسرق وجب عليه
جلد مائة وتغريب عام وقطع يده اليمنى ، وإذا جامع في نهار رمضان وحلق شعره وهو محرم
وجب عليه كفارة الجماع ، وكفارة المحظور وهكذا .
أما إذا كان المحظور الثاني من جنس المحظور الأول فلا يخلو من حالتين :
إما أن يكون قد أخرج موجب الأول قبل فعل الثاني أو لا ، فإن كان قد أخرج موجب الأول
قبل فعل المحظور الثاني فإن فعل الآخر يوجب كفارة أو حدًا آخر ، فمن سرق ثم قطع ثم
سرق مرة أخرى فإنه يجب عليه قطع آخر ، ومن زنى ثم أقيم عليه الحد ثم زنى مرة أخرى
فإنه يجب عليه الحد مرة أخرى هذا إذا كان بكرًا ، أما الثيب فحده الرجم وهكذا.
وأما إذا لم يخرج موجب الأول حتى فعل الثاني فإنه في هذه الحالة يجزئ عن
المحظورين الأول والثاني كفارة أو حد واحد فقط ، فإذًا لو سألنا سؤالاً وقلنا : متى
تتداخل الحدود أو الكفارات ؟ الجواب : تتداخل الحدود والكفارات بشرطين : إذا
كان المحظور من جنسٍ واحدٍ ، وإذا لم يخرج موجب الأول ، وهذا هو نص القاعدة .
وزيادة في الإيضاح أضرب فروعًا حتى تتضح :
فمنها : من حلف على يمين معينة ثم
كررها وحنث ، فهل تلزمه كفارة أو لا ؟
الجواب : أنك تنظر في أمرين : أحدهما : هل المحلوف عليه شيء واحد أو
متعدد ؟
إن كان متعددًا فأوجب على كل يمين كفارة ؛ لأن المحلوف عليه ليس من جنسٍ
واحد ، وإن كان المحلوف عليه واحدًا فانظر : هل كفر عن يمينه الأولى أم لا ؟ إن كان
كفر عن يمينه الأولى وجبت للأخرى كفارة ثانية ، وإن لم يكن قد أخرج كفارة الأولى
أجزأ عن الجميع كفارة واحدة ، والله أعلم .
ومنها : إذا زنى البكر مرارًا فهل يلزمه لكل زنىً حد ؟ أم يسقط الجميع حد واحد؟
الجواب : هو على التفصيل السابق ، فيكفي الجميع حد واحد ؛ لأنه من جنسٍ واحد
ولم يحد للزنى الأول ، أما إذا حُدَّ للزنى الأول وجب للثاني حد جديد ، والله أعلم
.
ومنها : من نذر مرارًا ولم يخرج موجب الأول أجزأ عن الجميع كفارة واحدة .
ومنها : من كرر محظورًا من جنسٍ واحدٍ من محظورات الإحرام كرجلٍ حلق مرارًا أو
جامع مرارًا ، أو قلم أظافره مرارًا ولم يخرج كفارة الأول أجزأ عن الجميع كفارة
واحدة . لكن لو حلق وقلم أظفاره وتطيب فإنه يجب حينئذٍ لكل محظور كفارة لاختلاف
الجنس .
ومنها : من سرق مرارًا فإنه يسقط الجميع قطع واحد ما لم يكن قد حُـدَّ للأول
فيلزمه قطع آخر ، والله أعلم .
ومنها : من قطع الطريق مرارًا أسقط الجميع حد واحد إن لم يكن قد حُدَّ في شيء
منها ، وعلى ذلك فقس ، والله تعالى أعلى وأعلم .
ومنها : من شرب الخمر مرارًا فإنه يكفيه عن جميع شربه السابق حد واحد فقط ، لكن
إن شرب وحُدَّ ، ثم شرب فعليه حد آخر ؛ لأن الحد الأول ذهب بموجبه وبقي الثاني بلا
موجب ففيه حدٌ آخر ، والله أعلم .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى