القواعد الفقهية12
الخميس فبراير 23, 2012 7:52 pm
القاعدة الثانية عشر
الأصل براءة الذمم إلا بدليل
الأصل براءة الذمم إلا بدليل
وهذه أيضًا من قواعد الأصول ، وبيانها أن يقال : قوله ( الأصل )
قد مضى شرحه ( براءة الذمم ) أي السلامة من المطالبة ( و الذمم ) جمع
ذمة .
ومعنى هذه
القاعدة أن الله جل وعلا لما خلق الذمم خلقها بريئة من المطالبة بأي حق سواءً من حقه الذي هو العبادة أو من حقوق
الآدميين التي تجري بينهم ، فذممهم سليمة من كل مطالبة ، ثم أعمرها جل وعلا بما
أعمرها به من الحقوق الواجبة له علينا ، كحق توحيده وإفراده بالعبادة ، وحق الصلوات
الخمس ، وبر الوالدين ، والصوم ، والزكاة ووجوب الحج وهكذا ، فالأصل أننا لا نطالب
بأي عبادة ، إلا بالعبادات التي دل عليها الدليل الشرعي الصحيح ، ويبقى ما لم يدل
عليه الدليل على أصل البراءة من المطالبة منه فلا تعمر الذمة بشيءٍ إلا ببينة ،
وكذلك حقوق الآدميين التي بينهم الأصل أن ذممنا بريئة منها فلا أحد من المخلوقين
يطالبها بشيء إلا بما ثبتت به البينة ، فالذمة بريئة من كل حقٍ بيقين فلا تعمر
بمجرد الدعاوى التي لا مستند لها ولا بالأحاديث الواهية الضعيفة التي لا تقوم حجتها
، بل لابد من يقين آخر يزيل يقين براءتها وهو البينة والبرهان ؛ لأن اليقين لا يزول
إلا باليقين كما مضى .
إذا عرفت
ذلك فعليك بأمرين : أحدهما :
أن تثبت على هذا الأصل وتجعله قاعدة وأساساً لك ترجع إليه ولا تتعداه إلا بدليل .
الثاني : أن كل من أراد نقلك
عن هذا الأصل الذي تقرر لك أنه مطالب بالدليل الناقل عن هذا الأصل ، وأما أنت فلا
يحق للناقل مطالبتك بالدليل لأنك ثابت على الأصل والدليل على الناقل لا على المثبت للأصل .
وإليك
الفروع حتى تتضح القاعدة أكثر :
منها
: من ادعى أن هذا القول أو هذا الفعل عبادة لازمة أو مستحبة فعليه الدليل
وذلك لأمرين : أحدهما : لأنه
يدعي العبادة والأصل عدم العبادة فهو مخالف للأصل ومن خالف الأصل فعليه الدليل . الثاني : أنه بهذا الادعاء يعمر
الذمة بشيء من العبادات ، والأصل براءتها من ما ادعـاه فهو مخالف لهـذا الأصل أيضًا
ومن خالف الأصل فعليه الدليل . إذًا قول وادعاؤه لا يقبل إلا بالبرهان والبينة
.
ومنها
: من ادعى أن له على فلانٍ دينًا ولا بينة معه تثبت دعواه ففلان بريء من
الدين ؛ لأن المدعي يريد أن يعمر ذمة غيره والأصل أن ذمة غيره بريئة ، فالمدعي
مخالف للأصل ومن خالف الأصل فعليه الدليل ، والله أعلم .
ومنها
: من ادعى على غيره أنه قذفه ولا بينة معه تثبت دعواه فالمدعى عليه بريء
من هذا الإدعاء ؛ لأنه بادعائه هذا يعمر ذمته بحق إقامة حد القذف والأصل براءة
الذمة من هذا الحق فهو مخالف لهذا الأصل ومن خالف الأصل فعليه الدليل .
وعلى ذلك
فقس لوضوحها ووضوح فروعها ، والله تعالى أعلى وأعلم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى