القواعد الفقهية4
الخميس فبراير 23, 2012 7:42 pm
القاعدة الرابعة
لا يعتبر الشك بعد الفعل ومن كثير الشك
لا يعتبر الشك بعد الفعل ومن كثير الشك
هذه
القاعدة فرع من القاعدة السابقة وخلاصتهـا : أن الشك يصدر من أحد رجلين ، إما أن
يصدر من رجلٍ كثير الشك فهو مريض بالوسواس - والعياذ بالله - من ذلك ، وإما أن يصدر
الشك من رجل معتدل الشكوك .
فالأول
: شكه غير معتبر وليس معمولاً به أبدًا لأن مراعاة شك هذا الرجل وبال
عليه وتكليف له بما لا يطاق وتكليف ما لا يطاق منتفٍ شرعًا ، بل يعالج هذا الرجل
بعدم الالتفات إلى شكه بل يفعل الفعل بجزم وحزم ولا يفكر في أي شك يتطرق إليه ،
إذًا شك كثير الشكوك ليس بمعتبر أي لا نبني عليه حكماً .
وأما : إن صدر
الشك من رجلٍ معتدل الشكوك فهذا لا يخلو من حالتين : إما أن يصدر هذا الشك أثناء
الفعل أي في حال فعل العبادة ، وإما أن يصدر بعد فعلها وانتهائه منها ، فإذا صدر
الشك بعد العبادة فهو شك ملغىً أي ليس معتبراً ؛ لأن الأصل أن الإنسان فعل العبادة
تامة وهذا الشك من وسوسة الشيطان وعلاجه عدم الالتفات إليه . وأما إن صدر هذا الشك
في أثناء العبادة فهو شك معتبر يعمل به حينئذٍ ؛ لأن الشيء الذي شك فيه الإنسان في
العبادة الأصل عدمه .
ومن شك في
فعلٍ هل فعله أو لم يفعله ؟ فالأصل أنه لم يفعله فيأتي بالشيء الذي شك فيه ؛ لأن
اليقين لا يزول بالشك ، إذًا صار الشك عندنا لا يعتبر في حالتين ويعتبر في حالة
واحدة ، فلا يعتبر الشك من كثير الشكوك مطلقًا سواءً أثناء العبادة أو بعدها
ولا يعتبر الشك من معتدل الشكوك بعد الانتهاء من العبادة ، ويعتبر الشك من معتدل
الشكوك في أثناء العبادة وبهذا تكون القاعدة قد بانت معالمها وفي ذلك قلت :
والشك بعد الفعل ليس يعتبر
ومن كثير الشك أيضًا مغتفر
ونضرب بعض
الفروع على كل الحالات الثلاث حتى تتضح القاعدة أكثر فأقول :
منها
: رجل كثيرة شكوكه فصلى العصر ثم شك هل جلس للتشهد الأول أو لا ؟
فالجواب : هذا الشك لا يعتبر سواءً صدر من كثير الشك أو من معتدل الشك ، أما
عدم اعتباره من كثير الشك فلما مضى أن كثير الشكوك مريض يعالج بأمره بترك شكه وأما
وجه عدم اعتباره من معتدل الشك فلأن هذا الشك لم يقع إلا بعد الفعل أي بعد الانتهاء
من صلاة العصر والشك من معتدل الشك بعد انتهاء الفعل لا يؤثر ، إذًا نقول :
صلاة العصر من هذا الرجل صحيحة على كل اعتبار ولا يلتفت إلى شكه مطلقًا ما لم
يحصل عنده يقين أنه ترك ذلك .
ومنها
: رجل يطوف وشك وهو أثناء الطواف هـل طـاف أربـعًا أم خمـسًا فما الحكم ؟
الجواب : أننا نسأل أولاً هل هذا الرجل ذو شكوك كثيرة أو معتدل الشك فإن كان
الرجل ذا شكوك كثيرة فنقول لا تلتفت إلى هذا الشك ؛ لأنك مريض بكثرة هذه الشكوك
واجزم في الفعل ولا تلتفت إلى هذا الشك ، وإن كان الشك من معتدل الشكوك فنقول شكك
معتبر ولم تطف إلا ثلاثة أشواط لأن الأصل عدم الرابع وقلنا شكه معتبر(1)
، لأنه معتدل الشك ووقع أثناء الفعل .
ومنها
: رجل توضأ وانتهى ثم شك هل مسح رأسه أو لا ؟ فنقول : إن كان كثير
الشك فلا يلتفت إليه مطلقًا وإن كان معتدل الشك أيضًا لا يلتفت إليه ؛ لأنه حصل بعد
الانتهاء من الفعل والشك بعد الفعل لا يؤثر .
ومنها
: رجل في أثناء رمي الجمرات شك هل رمى سبعًا أم ستًا ؟ فالجواب :
إن كان كثير الشك فلا يلتفت إليه ويرمي ما في يده إن بقى معه شيء وإلا فليمض وإن
كان معتدل الشك فشكه معتبر ويزيد سابعة(2)
؛ لأن الأصل عدمها وهكذا .
وبهذا تكون
القاعدة قد بانت ولا إشكال فيها - إن شاء الله تعالى - .
وخلاصة
الكلام أنه إذا وجه إليك سؤال فيه شك فقبل الجواب تسأل عن سؤالين :
الأول
: هل الذي صدر منه الشك كثير الشكوك أو معتدل الشكوك ، فإن كان
الأول فأبطل شكه ، وإن كان الثاني فاسأل هل حدث الشك بعد انتهاء الفعل أو في أثناء
الفعل ، فإن كان الأول فأبطل شكه ، وإن كان الثاني فهو شك معتبر ، والله
تعالى أعلى وأعلم .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى