القواعد الفقهية3
الخميس فبراير 23, 2012 7:40 pm
القاعدة الثالثة
لا ينقض الأمر المتيقن ثبوتًا أو نفيًا بشك عارض
لا ينقض الأمر المتيقن ثبوتًا أو نفيًا بشك عارض
هذه من القواعد الخمس الكبرى ، وتدخل في غالب أبواب الفقه وبالتحديد
تدخل هذه القاعدة في كل فرعٍ يتجاذبه يقين وشك فتسقط الشك وتحكم باليقين ذلك ؛ لأن
الشك لا يقوى على رفع اليقين ؛ لأنه أضعف منه ، والضعيف لا يقوى على رفع القوي ولها
أدلة كثيرة من الكتاب والسنة .
فمن ذلك
: قوله تعالى : ] إنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي
مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا [ فالحق هو
اليقين والظن هو الشك فعاب الله جل وعلا على من اتبع الظنون الكاذبة وترك الحق
الثابت بالدليل الواضح .
ومن ذلك
: قوله r : ( إذا
شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثـلاثًا أم أربعًا فليطرح الشك وليبن على ما
استيقن ) الحديث ، وهو نص في القاعدة فقد أمر بإطراح الشك والبناء على اليقين وهو
معنى قولنا : ( اليقين لا يزول بالشك ) .
ومنه
: قوله r في حديث
عبد الله بن زيد عند الشيخين : أنه شكى إلى الرسول r الرجل
الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة ، فقال : ( لا ينصرف أو لا ينفتل حتى يسمع
صوتًا أو يجد ريحًا ) أي فيبقى على يقين الطهارة حتى يتأكد من خروج الريح الناقضة
للوضوء وهو نص في هذه القاعدة .
ومن ذلك
: حديث أبي هريرة عند مسلم ، وعن ابن عباس نحوه عند البزار وكذا للحاكم
عن أبي سعيد وغير ذلك كثير ، بل والاعتبار الصحيح يقتضي ذلك كما ذكرنا أن الضعيف لا
يقوى على رفع القوي ؛ لأن ما تيقن ثبوته بدليل أو استصحاب حال ، أقوى مما شك فيه
أهو ثابت أم لا ؟ فإذا سئلت عن سؤال فيه تجاذب بين شيء متيقن وشيء مشكوك فيه ،
فاعرف أنه داخل تحت هذه القاعدة فأسقط الشك واحكم باليقين ، ثم اعلـم أن قاعـدة
الأصـول في الأشيـاء داخلـة تحت هذه القاعدة الكبرى ، كما سيأتي - إن شاء الله
تعالى - .
فإن قلت
: إذا كان الشك لا يرفع اليقين فهل يرتفع اليقين بيقين مثله ؟
قلت
: نعم ، إن اليقين لا يزول بالشك لكن يزول بيقين مثله ، وغلبة الظن منزلة
منزلة اليقين ، وعلى ذلك قوله r : ( فلا
ينصـرف حتـى يسمـع صوتًا أو يجد ريحًا ) أي حتى يأتي يقين آخر أي يقين الحدث ليرفع
يقين الطهارة وإلا فهو باقٍ على طهارته ولا مزيد على هذا لكن نضرب بعض الفروع حتى
يتضح التطبيق عليها :
فمنها
: إذا سئلت عن رجلٍ توضأ للعصر ثم دخل وقت المغرب وأراد أن يصليها فشك هل
أحدث أو لا ؟ فقل : أنت تيقنت الطهارة الذي هو وضوء العصر ، وشككت في الحدث
، فأنت على ما تيقنته وهو الطهارة ؛ لأن اليقين لا يزول بالشك .
ومنها
: شك رجل هل صلى الفجر أو لا ؟ فقل : إن اليقين هو أنك لم تصل ؛
لأن الأصل عدم الصلاة والشك حصل في وجودها فنبقى على الأصل الذي هو عدم الصلاة
واليقين لا يزول بالشك فعليك أن تصلي الآن .
ومنها
: رجل أكل شاكًا في طلوع الفجر فإذا هو قد طلع ، فقل له : إن
اليقين هو بقاء الليل وطلوع الفجر مشكوك فيه واليقين لا يزول بالشك فالأصل بقاء
الليل فصيامك صحيح لأنك عملت باليقين(1)
.
ومنها
: رجل تيقن النكاح وشك في الطلاق ، فنقول : اليقين هو النكاح
والمشكوك فيه هو الطلاق ، فأنت على نكاحك ؛ لأن اليقين لا يزول بالشك .
ومنها
: شك إنسانٌ هل صلى ثلاثًا أم أربعًا ؟ فنقول : اليقين هو أنك
صليت ثلاثًا والركعة الرابعة مشكوك فيها والأصل عدمها فعليك أن تجعلها ثـلاثًا
وتسجد للسهو قبل السلام(2)
وعلى ذلك دل حديث أبي سعيد عند مسلم .
ومنها
: طاف وشك هل طاف سبعًا أو ستًا فاليقين أنه طاف ستًا والسابع مشكوك فيه
فيزيد واحدًا ، والقول الجامع في هذا هو أن كل شيء الأصل عدمه وشك في فعله فيحكم
بعدم الفعل(3)
، وكل شيء الأصل ثبوته وشك في عدمه فالأصل بقاؤه . وعلى ذلك فقس ، والله تعالى أعلى
وأعلم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى