غزوة دومة الجندل
الإثنين فبراير 27, 2012 4:30 am
وخرج صلى الله عليه وسلم الى دومه الجندل في ربيع الأول من سنة خمس ثم رجع في أثناء
الطريق ولم يلق حربا وكان استعمل على المدينة سباع بن عرفطة فصل غزوة الخندق يشتمل
على ملخص غزوة الخندق التي ابتلى الله فيها عباده المؤمنين وزلزهم وثبت الإيمان في
قلوب اوليائه وأظهر ما كان يبطنه أهل النفاق وفضحهم وقرعهم ثم أنزل نصره ونصر عبده
وهزم الأحزاب وحده وأعز جنده ورد الكفرة بغيظهم ووقى المؤمنين شر كيدهم وذلك بفضله
ومنه عليهم شرعا وقدرا أن لا يغزوا المؤمنين بعدها بل جعلهم المغلوبين وجعل حزبه هم
الغالبين والحمد لله رب العالمين وكانت في سنة خمس في شوالها على الصحيح من قولي
أهل المغازي والسير والدليل على ذلك أنه لا خلاف أن أحدا كانت في شوال من سنة ثلاث
وقد تقدم ما ذكره أهل العلم بالمغازي أن أبا سفيان واعدهم العام المقبل بدرا وأنه
صلى الله عليه وسلم خرج اليهم فأخلفوه لأجل جدب تلك السنة في بلادهم فتأخروا لهذا
العام وقال أبو محمد بن حزم الأندلسي في مغازيه هذا قول أهل المغازي ثم قال والصحيح
الذي لا شك فيه أنها في سنة أربع وهو قول موسى بن عقبة ثم احتج ابن حزم بحديث ابن
عمر عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني وعرضت
عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني فصح أنه لم يكن بينهما إلا سنة واحدة
فقط قلت هذا الحديث مخرج في الصحيحين وليس يدل على ما ادعاه لأن مناط إجازة الحرب
كان عنده صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سنة فكان لا يجيز من لم يبلغها ومن بلغوا
أجازة فلما كان ابن عمر يوم أحد ممن لم يبلغها لم يجزه ولما كان قد بلغها يوم
الخندق أجازه وليس ينفي هذا أن بلوغه قد زاد عليها بسنة أو سنتين أو ثلاثا أو أكثر
من ذلك فكأنه قال وعرضت عليه يوم الخندق وأنا بالغ او من أبناء الحرب وقد قيل إنه
كان يوم أحد في أول الرابعة عشرة من عمره وفي يوم الخندق في آخره الخامسة عشرة وفي
هذا نظر والأول أقوى في النظر لمن أمعن وأنصف والله أعلم وكان سبب غزوة الخندق أن
نفرا من يهود بني النضير الذين أجلاهم صلى الله عليه وسلم من المدينة الى خيبر كما
قدمنا وهم أشرافهم كسلام بن أبي الحقيق وسلام بن مشكم وكنانة بن الربيع وغيرهم
خرجوا الى قريش بمكة فألبوهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعدوهم من
أنفسهم النصر فأجابوهم ثم خرجوا الى غطفان فدعوهم فأجابوهم أيضا وخرجت قريش وقائدهم
أبوسفيان بن حرب وعلى غطفان عيينة بن حصن كلهم في نحو عشرة آلاف رجل فلما سمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم بمسيرهم اليه امر المسلمين بحفر خندق يحول بين المشركين
وبين المدينة وكان ذلك إشارة سلمان الفارسي رضي الله عنه فعمل المسلمون فيه مبادرين
هجوم الكفار عليهم وكانت في حفره آيات مفصلة يطول شرحها وأعلام نبوة قد تواتر خبرها
فلما كمل قدم المشركون فنزلوا حول المدينة كما قال تعالى إذ جاءوكم من فوقكم ومن
أسفل منكم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحصن بالخندق وهو في ثلاثة آلاف على
الصحيح من أهل المدينة وزعم ابن إسحاق أنه انما كان في سبعمائة وهذا غلط من غزوة
أحد والله تعالى أعلم فجعلوا ظهورهم الى سلع وأمر صلى الله عليه وسلم بالنساء
والذراري فجعلوا في آطام المدينة واستخلف عليها ابن أم مكتوم رضي الله عنه وانطلق
حيي بن أخطب النضري الى بنى قريظة فاجتمع بكعب بن أسد رئيسهم فلم يزل به حتى نقض
العهد الذي كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ووافق كعب المشركين على حرب
رسول الله صلى الله عليه وسلم فسروا بذلك وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
السعدين ابن معاذ وابن عبادة وخوات بن جبير وعبدالله بن رواحة ليعرفوا هل نقض بنو
قريظة العهد أولا فلما قربوا منهم وجدوهم مجاهرين بالعداوة والغدر فتسابوا وقال
اليهود عليهم لعائن الله في رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبهم سعد بن معاذ
وانصرفوا عنهم وقد أمرهم صلى الله عليه وسلم إن كانوا نقضوا أن لا يفتوا بذلك في
أعضاد المسلمين لئلا يورث وهنا وأن يلحنوا إليه لحنا أي لغزا فلما قدموا عليه قال
ما وراءكم قالوا عضل والقارة يعنون غدرهم بأصحاب الرجيع فعظم ذلك على المسلمين
واشتد الأمر وعظم الخطر وكانوا كما قال الله تعالى هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا
زلزالا شديدا ونجم النفاق وكثر واستأذن بعض بني حارثة رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الذهاب الىالمدينة لأجل بيوتهم قالوا إنها عورة وليس بينها وبين العدو حائل وهم
بنو سلمة بالفشل ثم ثبت الله كلتا الطائفتين وثبت المشركون محاصرين رسول الله صلى
الله عليه وسلم شهرا ولم يكن بينهم قتال لأجل ما حال الله به من الخندق بينه وبينهم
إلا أن فوارس من قريش منهم عمرو بن عبد ود العامري وجماعة معه أقبلوا نحو الخندق
فلما وقفوا عليه قالوا إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تعرفها ثم يمموا مكانا ضيقا من
الخندق فاقتحموه وجازوه وجالت بهم خليهم في السبخة بين الخندق وسلع ودعوا للبراز
فانتدب لعمرو بن عبد ود علي بن أبي طالب رضي الله عنه فبارزه فقتله الله على يديه
وكان عمرو لا يجارى في الجاهلية شجاعة وكان شيخا قد جاوز المائة يومئذ وأما الباقون
فينطلقون راجعين الى قومهم من حيث جاؤوا وكان هذا أول ما فتح الله به من خذلانهم
وكان شعار المسلمين تلك الغزوة حم لا ينصرون ولما طال هذا الحال على المسلمين أراد
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصالح عيينة بن حصن والحارث بن عوف رئيسي غطفان
على ثلث ثمار المدينة وينصرفا بقومهما وجرت المراوضة على ذلك ولم يتم الأمر حتى
استشار صلى الله عليه وسلم السعدين في ذلك فقالا يا رسول الله إن كان الله أمرك
بهذا فسمعا وطاعة وإن كان شيئا تصنعه لنا فلقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك
بالله وعبادة الأوثان وهم لا يطعمون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قرى أو بيعا فحين
أكرمنا الله بالاسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا والله لا نعطيهم الا
السيف فقال صلى الله عليه وسلم إنما هو شئ أصنعه لكم وصوب رأيهما في ذلك رضي الله
عنهما ولم يفعل من ذلك شيئا ثم إن الله سبحانه وله الحمد صنع أمرا من عنده خذل به
بينهم وفل جموعهم وذلك أن نعيم بن مسعود بن عامر الغطفاني رضي الله عنه جاء الى
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله إني قد أسلمت فمرني بما شئت فقال
صلى الله عليه وسلم إنما أنت رجل واحد فخذل عنا إن استطعت فإن الحرب خدعة فذهب من
حينه ذلك الى بني قريظة وكان عشيرا لهم في الجاهلية فدخل عليهم وهم لا يعلمون
بإسلامه فقال يا بني قريظة إنكم قد حاربتم محمدا وإن قريشا إن أصابوا فرصة انتهزوها
وإلا شمروا إلى بلادهم وتركوكم ومحمدا فانتقم منكم قالوا فما العمل يا نعيم قال لا
تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن قالوا لقد أشرت بالرأي ثم نهض إلى قريش فقال لأبي
سفيان أو لهم تعلمون ودي ونصحي لكم قالوا نعم قال إن يهود ندموا على ما كان منهم من
نقض عهد محمد وأصحابه وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ثم
يمالئونه عليكم ثم ذهب الى قومه غطفان فقال لهم مثل ذلك فلما كان ليلة السبت في
شوال بعثوا الى يهود إنا لسنا بأرض مقام فانهضوا بنا غدا نناجز هذا الرجل فأرسل
اليهم اليهود إن اليوم يوم السبت ومع هذا فإنا لا نقاتل معكم حتى تبعثوا الينا رهنا
فلما جاءهم الرسل بذلك قالت قريش صدقنا والله نعيم بن مسعود وبعثوا الى يهود إنا
والله لا نرسل لكم أحدا فاخرجوا معنا فقالت قريظة صدق والله نعيم وأبوا أن يقاتلوا
معهم وأرسل الله عزوجل على قريش ومن معهم الخور والريح تزلزلهم فجعلوا لا يقر لهم
قرار ولا تثبت لهم خيمة ولا طنب ولا قدر ولا شيء فلما رأوا ذلك ترحلوا من ليلتهم
تلك وأرسل صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان يخبر له خبرهم فوجدهم كما وصفنا ورأى
أبا سفيان يصلي ظهره بنار ولو شاء حذيفة لقتله ثم رجع الى رسول الله صلى الله عليه
وسلم ليلا فأخبره برحيلهم فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غدا الى المدينة
وقد وضع الناس السلاح فجاء جبريل عليه السلام الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
يغتسل في بيت أم سلمة فقال أوضعتم السلاح أما نحن فلم نضع أسلحتنا انهد الى هؤلاء
يعني بني قريظة
الطريق ولم يلق حربا وكان استعمل على المدينة سباع بن عرفطة فصل غزوة الخندق يشتمل
على ملخص غزوة الخندق التي ابتلى الله فيها عباده المؤمنين وزلزهم وثبت الإيمان في
قلوب اوليائه وأظهر ما كان يبطنه أهل النفاق وفضحهم وقرعهم ثم أنزل نصره ونصر عبده
وهزم الأحزاب وحده وأعز جنده ورد الكفرة بغيظهم ووقى المؤمنين شر كيدهم وذلك بفضله
ومنه عليهم شرعا وقدرا أن لا يغزوا المؤمنين بعدها بل جعلهم المغلوبين وجعل حزبه هم
الغالبين والحمد لله رب العالمين وكانت في سنة خمس في شوالها على الصحيح من قولي
أهل المغازي والسير والدليل على ذلك أنه لا خلاف أن أحدا كانت في شوال من سنة ثلاث
وقد تقدم ما ذكره أهل العلم بالمغازي أن أبا سفيان واعدهم العام المقبل بدرا وأنه
صلى الله عليه وسلم خرج اليهم فأخلفوه لأجل جدب تلك السنة في بلادهم فتأخروا لهذا
العام وقال أبو محمد بن حزم الأندلسي في مغازيه هذا قول أهل المغازي ثم قال والصحيح
الذي لا شك فيه أنها في سنة أربع وهو قول موسى بن عقبة ثم احتج ابن حزم بحديث ابن
عمر عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني وعرضت
عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني فصح أنه لم يكن بينهما إلا سنة واحدة
فقط قلت هذا الحديث مخرج في الصحيحين وليس يدل على ما ادعاه لأن مناط إجازة الحرب
كان عنده صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سنة فكان لا يجيز من لم يبلغها ومن بلغوا
أجازة فلما كان ابن عمر يوم أحد ممن لم يبلغها لم يجزه ولما كان قد بلغها يوم
الخندق أجازه وليس ينفي هذا أن بلوغه قد زاد عليها بسنة أو سنتين أو ثلاثا أو أكثر
من ذلك فكأنه قال وعرضت عليه يوم الخندق وأنا بالغ او من أبناء الحرب وقد قيل إنه
كان يوم أحد في أول الرابعة عشرة من عمره وفي يوم الخندق في آخره الخامسة عشرة وفي
هذا نظر والأول أقوى في النظر لمن أمعن وأنصف والله أعلم وكان سبب غزوة الخندق أن
نفرا من يهود بني النضير الذين أجلاهم صلى الله عليه وسلم من المدينة الى خيبر كما
قدمنا وهم أشرافهم كسلام بن أبي الحقيق وسلام بن مشكم وكنانة بن الربيع وغيرهم
خرجوا الى قريش بمكة فألبوهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعدوهم من
أنفسهم النصر فأجابوهم ثم خرجوا الى غطفان فدعوهم فأجابوهم أيضا وخرجت قريش وقائدهم
أبوسفيان بن حرب وعلى غطفان عيينة بن حصن كلهم في نحو عشرة آلاف رجل فلما سمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم بمسيرهم اليه امر المسلمين بحفر خندق يحول بين المشركين
وبين المدينة وكان ذلك إشارة سلمان الفارسي رضي الله عنه فعمل المسلمون فيه مبادرين
هجوم الكفار عليهم وكانت في حفره آيات مفصلة يطول شرحها وأعلام نبوة قد تواتر خبرها
فلما كمل قدم المشركون فنزلوا حول المدينة كما قال تعالى إذ جاءوكم من فوقكم ومن
أسفل منكم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحصن بالخندق وهو في ثلاثة آلاف على
الصحيح من أهل المدينة وزعم ابن إسحاق أنه انما كان في سبعمائة وهذا غلط من غزوة
أحد والله تعالى أعلم فجعلوا ظهورهم الى سلع وأمر صلى الله عليه وسلم بالنساء
والذراري فجعلوا في آطام المدينة واستخلف عليها ابن أم مكتوم رضي الله عنه وانطلق
حيي بن أخطب النضري الى بنى قريظة فاجتمع بكعب بن أسد رئيسهم فلم يزل به حتى نقض
العهد الذي كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ووافق كعب المشركين على حرب
رسول الله صلى الله عليه وسلم فسروا بذلك وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
السعدين ابن معاذ وابن عبادة وخوات بن جبير وعبدالله بن رواحة ليعرفوا هل نقض بنو
قريظة العهد أولا فلما قربوا منهم وجدوهم مجاهرين بالعداوة والغدر فتسابوا وقال
اليهود عليهم لعائن الله في رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبهم سعد بن معاذ
وانصرفوا عنهم وقد أمرهم صلى الله عليه وسلم إن كانوا نقضوا أن لا يفتوا بذلك في
أعضاد المسلمين لئلا يورث وهنا وأن يلحنوا إليه لحنا أي لغزا فلما قدموا عليه قال
ما وراءكم قالوا عضل والقارة يعنون غدرهم بأصحاب الرجيع فعظم ذلك على المسلمين
واشتد الأمر وعظم الخطر وكانوا كما قال الله تعالى هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا
زلزالا شديدا ونجم النفاق وكثر واستأذن بعض بني حارثة رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الذهاب الىالمدينة لأجل بيوتهم قالوا إنها عورة وليس بينها وبين العدو حائل وهم
بنو سلمة بالفشل ثم ثبت الله كلتا الطائفتين وثبت المشركون محاصرين رسول الله صلى
الله عليه وسلم شهرا ولم يكن بينهم قتال لأجل ما حال الله به من الخندق بينه وبينهم
إلا أن فوارس من قريش منهم عمرو بن عبد ود العامري وجماعة معه أقبلوا نحو الخندق
فلما وقفوا عليه قالوا إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تعرفها ثم يمموا مكانا ضيقا من
الخندق فاقتحموه وجازوه وجالت بهم خليهم في السبخة بين الخندق وسلع ودعوا للبراز
فانتدب لعمرو بن عبد ود علي بن أبي طالب رضي الله عنه فبارزه فقتله الله على يديه
وكان عمرو لا يجارى في الجاهلية شجاعة وكان شيخا قد جاوز المائة يومئذ وأما الباقون
فينطلقون راجعين الى قومهم من حيث جاؤوا وكان هذا أول ما فتح الله به من خذلانهم
وكان شعار المسلمين تلك الغزوة حم لا ينصرون ولما طال هذا الحال على المسلمين أراد
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصالح عيينة بن حصن والحارث بن عوف رئيسي غطفان
على ثلث ثمار المدينة وينصرفا بقومهما وجرت المراوضة على ذلك ولم يتم الأمر حتى
استشار صلى الله عليه وسلم السعدين في ذلك فقالا يا رسول الله إن كان الله أمرك
بهذا فسمعا وطاعة وإن كان شيئا تصنعه لنا فلقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك
بالله وعبادة الأوثان وهم لا يطعمون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قرى أو بيعا فحين
أكرمنا الله بالاسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا والله لا نعطيهم الا
السيف فقال صلى الله عليه وسلم إنما هو شئ أصنعه لكم وصوب رأيهما في ذلك رضي الله
عنهما ولم يفعل من ذلك شيئا ثم إن الله سبحانه وله الحمد صنع أمرا من عنده خذل به
بينهم وفل جموعهم وذلك أن نعيم بن مسعود بن عامر الغطفاني رضي الله عنه جاء الى
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله إني قد أسلمت فمرني بما شئت فقال
صلى الله عليه وسلم إنما أنت رجل واحد فخذل عنا إن استطعت فإن الحرب خدعة فذهب من
حينه ذلك الى بني قريظة وكان عشيرا لهم في الجاهلية فدخل عليهم وهم لا يعلمون
بإسلامه فقال يا بني قريظة إنكم قد حاربتم محمدا وإن قريشا إن أصابوا فرصة انتهزوها
وإلا شمروا إلى بلادهم وتركوكم ومحمدا فانتقم منكم قالوا فما العمل يا نعيم قال لا
تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن قالوا لقد أشرت بالرأي ثم نهض إلى قريش فقال لأبي
سفيان أو لهم تعلمون ودي ونصحي لكم قالوا نعم قال إن يهود ندموا على ما كان منهم من
نقض عهد محمد وأصحابه وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ثم
يمالئونه عليكم ثم ذهب الى قومه غطفان فقال لهم مثل ذلك فلما كان ليلة السبت في
شوال بعثوا الى يهود إنا لسنا بأرض مقام فانهضوا بنا غدا نناجز هذا الرجل فأرسل
اليهم اليهود إن اليوم يوم السبت ومع هذا فإنا لا نقاتل معكم حتى تبعثوا الينا رهنا
فلما جاءهم الرسل بذلك قالت قريش صدقنا والله نعيم بن مسعود وبعثوا الى يهود إنا
والله لا نرسل لكم أحدا فاخرجوا معنا فقالت قريظة صدق والله نعيم وأبوا أن يقاتلوا
معهم وأرسل الله عزوجل على قريش ومن معهم الخور والريح تزلزلهم فجعلوا لا يقر لهم
قرار ولا تثبت لهم خيمة ولا طنب ولا قدر ولا شيء فلما رأوا ذلك ترحلوا من ليلتهم
تلك وأرسل صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان يخبر له خبرهم فوجدهم كما وصفنا ورأى
أبا سفيان يصلي ظهره بنار ولو شاء حذيفة لقتله ثم رجع الى رسول الله صلى الله عليه
وسلم ليلا فأخبره برحيلهم فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غدا الى المدينة
وقد وضع الناس السلاح فجاء جبريل عليه السلام الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
يغتسل في بيت أم سلمة فقال أوضعتم السلاح أما نحن فلم نضع أسلحتنا انهد الى هؤلاء
يعني بني قريظة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى